سورة الإسراء - تفسير نيل المرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


الآية الرابعة:
{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا (37)}.
{وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً}: المرح قيل: هو شدة الفرح.
وقيل: التكبر في المشي.
وقيل: تجاوز الإنسان قدره.
وقيل: الخيلاء في المشي.
وقيل: البطر والأشر.
وقيل: النشاط. والظاهر أن المراد به الخيلاء والفخر.
قال الزجاج في تفسير الآية: لا تمش في الأرض مختالا فخورا.
وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها، تأكيدا وتقريرا.
ولقد أحسن من قال:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا *** فكم تحتها قوم هم منك أرفع
وإن كنت في عزّ وحرز ومنعة *** فكم مات من قوم هم منك أمنع
والمرح مصدر وقع حالا، أي: ذا مرح. وفي وضع المصدر موضع الصفة نوع تأكيد. وقرأ الجمهور مرحا بفتح الراء. وحكى يعقوب عن جماعة كسرها، على أنه اسم فاعل.


الآية الخامسة:
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (78)}.
{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}: قد أجمع المفسرون على أن هذه الصلاة المراد بها الصلاة المفروضة.
وقد اختلف العلماء في الدلوك المذكور في هذه الآية على قولين:
أحدهما: أنه زوال الشمس عن كبد السماء، قاله عمر وابنه وأبو هريرة وأبو برزة وابن عباس والحسن والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة والضحاك وأبو جعفر، واختاره ابن جرير.
والقول الثاني: أنه غروب الشمس، قاله عليّ وابن مسعود وأبي بن كعب وأبو عبيد، وروي عن ابن عباس.
وقال الفراء: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها.
قال الأزهري: معنى الدلوك في كلام العرب الزوال، ولذلك قيل للشمس إذا زالت نصف النهار: دلكة لأنها في الحالتين زائلة.
قال: والقول عندي أنه زوالها نصف النهار لتكون الآية جامعة للصلوات الخمس.
والمعنى أقم الصلاة من وقت دلوك الشمس إلى غسق الليل، ويدخل فيه الظهر والعصر وصلاتا غسق الليل وهما العشاءان، وقرآن الفجر: هي صلاة الصبح فهذه خمس صلوات.
{إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ}: هو اجتماع الظلمة.
قال الفراء والزجاج: يقال: غسق الليل، وأغسق إذا أقبل بظلامه.
قال أبو عبيد: الغسق سواد الليل، وأصل الكلمة من السيلان، يقال: أغسقت إذا سالت.
وقد استدل بهذه الغاية أعني قوله: {إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ} من قال إن صلاة الظهر يتمادى وقتها من الزوال إلى الغروب. روي ذلك عن الأوزاعي وأبي حنيفة، وجوزه مالك والشافعي في حال الضرورة.
وقد وردت الأحاديث الصحيحة المتواترة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في تعيين أوقات الصلاة، فيجب أن تحمل هذه الآية على ما بينته السنة فلا نطيل بذكر ذلك.
{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}: قال المفسرون المراد به صلاة الصبح.
قال الزجاج: وفي هذه فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة حتى سميت الصلاة قرآنا.
وقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنه «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب».
وفي بعض الأحاديث الخارجة من مخرج حسن: «وقرآن معها».
وورد ما يدل على وجوب الفاتحة في كل ركعة، ولو خلف الإمام، وعليه عمل أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وهو الحق. وقد حرره الشوكاني في مؤلفاته تحريرا مجودا، وغيره في غيره.
{قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (78)}: أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، كما ورد ذلك في الحديث الصحيح، وبذلك قال جمهور المفسرين.


الآية السادسة:
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (110)}.
{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها}: أي بقراءة صلاتك على حذف المضاف للعلم، لأن الجهر والمخافتة من نعوت الصموت لا من نعوت أفعال الصلاة، فهي من إطلاق الكل وإرادة الجزء. يقال: خفت صوته خفوفا إذا انقطع كلامه وضعف وسكن، وخفت الزرع إذا ذبل، وخافت الرجل بقراءته إذا لم يرفع بها صوته، وقيل: معناه لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها، والأول أولى.
{وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ}: أي الجهر والمخافتة المدلول عليهما في الفعلين.
{سَبِيلًا (110)} أي طريقا مستويا بين الأمرين، فلا تكن مجهورة ولا مخافتا بها.
وعلى التفسير الثاني يكون معنى ذلك النهي عن الجهر بقراءة الصلوات كلها، والنهي عن المخافتة بقراءة الصلوات كلها، والأمر يجعل البعض منها مجهورا به وهو صلاة الليل، والمخافتة بصلاة النهار.
وذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55].

1 | 2 | 3